د. شريعتي المستشار السياسي للرئيس الأيراني السابق لـ " الكل" :


ليس لدينا القدرة على مواجهة أمريكا عسكريا وسياستنا مع دول الجوار فيها أخطاء
د. شريعتي المستشار السياسي للرئيس الأيراني السابق  لـ " الكل" :
"الرئيس نجاد" قليل الخبرة في السياسة الخارجية وحكوماتنا لا تزال في طور النضج

د.حسام صفوت ود.شريعتى عقب اللقاء
من دبى حاوره : حسام صفوت
أكد الدكتور محمد شريعتي المستشار السياسي للرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي أن إيران ليس لديها القدرة على مواجهة أمريكا عسكريا وأن الثقة التي يتحدث بها دائما الرئيس أحمدي نجاد في تصريحاته عن احتمالية وقوع مواجهة مع أمريكا هى لطمأنه الشأن الداخلي الإيراني وتهدئة الرأي العام وليس للإستعداء أو الاستقواء على  أمريكا أو الاستعداد لشن حرب ضدها

ومشيرا إلى أن ما تقوم به إيران حاليا من تخصيب لليورانيوم ليس تسلحا نوويا كما تزعم أمريكا أو يتوقعه البعض ، أو يحاول أن يثبته مفتشو هيئة الطاقة الذرية، انما هو تخصيب نووي يستخدم في الأغراض السلمية لتوليد الطاقة وليس في الأغراض العسكرية وصنع الرؤوس النووية .
لافتا أن الحكومة الإيرانية الحالية لا تزال في طور النضج وأن الرئيس أحمدي نجاد كان قليل الخبرة بالنسبة للسياسة الخارجية وخاصة مع الدول المجاورة إلا أن نجاد حاليا أكتسب الخبرة والحنكة المطلوبة وهو من رجال إيران المخلصين .
وكان لـ  " الكل " هذا الحوار :



علاقات متوترة
•       بعد مرور ما يربو على 30 عاما على قيام الثورة الإسلامية الإيرانية على يد الزعيم الشيعي أية الله الخميني ، كيف تقيمون واقع العلاقة الإيرانية العربية ؟
- قال شريعتي: " أن العلاقات الحالية تشوبها أشياء تضعفها وتوهن قوتها ولابد أن تتطور تلك العلاقة وتصل إلى وضع أفضل مما هي عليه ، وأنا أعتقد أن الإعلام عليه دور كبير في تنقية هذه الأجواء ولاسيما أنه أحد المشاركين في تشوية تلك العلاقة في الحقب الماضية ، وعليه ان يقوم حاليا بالابتعاد عن أثارة المشاكل التي قد ينجم عنها خلافات .
ويضيف أننا نبغي التواصل والحوار الهادئ البناء بيننا وبين دول الجوار لكن المتبغي شيء والواقع شيئا أخر وفي خلاصة القول يجب أن نكون يدا واحدا في مواجهة  سوانا من أِعداء الإسلام والعرب فعندنا قواسم مشتركة خاصة بعد الثورة الإسلامية ، وهدفنا مشترك وأعدائنا مشتركين في التعريف ، ولابد أن نركز على تلك القواسم حتى يمكن لنا أن نتخطى العقبات والمعوقات .
ويتابع: أن مسألة القومية واحتفاظ كل بلد بقوميتها وهويتها هو أمر جيد سواء القومية العربية أو القومية الإيرانية ، أما  فيما يتعلق بالجانب السلبي الذي يحدث بين  تلك القوميتين فمن الجائز جدا أن تكون هناك مصادمات ومشاحنات ، ومن هذا المنطلق لابد أن نركز على أسس المصالح والقواسم المشتركة بين هاتين القوميتين ولابد أن نعمل على تلافي كل نقاط الخلاف من أجل أمن واستقرار المنطقة ودرءً لشبح الحرب وحفاظا على العلاقة الطبية مع دول الجوار .


أسباب تاريخية
•       ما هي الأسباب التي أدت إلى تشوية العلاقة بين إيران والمنطقة العربية  في الوقت الذي كان يجب أن تكون إيران بحكم الجوار و كإمبراطورية لها تاريخ عريق من أولى الدول التي تؤازر العرب والمسلمين بحكم الاشتراك في دين واحد وهوية واحده حتى وأن اختلف المذهب ؟
- تدهور العلاقة له أسباب تاريخية قديمة وليس نتاج أحداث آنية أوجارية وأعتقد أنها مسؤولية ساهمت فيها الدول العربية وأيضا الحكومة الإيرانية .
فمع رحيل آخر شاهات البهلويين محمد رضا بهلوى وقيام الزعيم الشيعي أية الله روح الله بالثورة الإيرانية في 1979 والتي رحل على أثرها الشاه وأصبحت إيران بعدها جمهورية إسلامية وكنا نلقي التأييد والمساندة المعنوية من الدول المجاورة ولكن مع انتشار مفهوم تصدير الثورة للدول والفهم الخاطيء لهذا المفهوم الذي ساهمت فيه وسائل الاعلام وخوف  تلك الدول على أنظمة الحكم فيها أدي الى تشويه العلاقات وأيضا ساهم في تشوية تلك العلاقات عدم وضوح السياسة الإيرانية الخارجية وهي أخطاء وقعت فيها الحكومة الإيرانية في ظل إنشغال الرؤساء الذي جاءوا بعد قيام الثورة وهم : أبو الحسن بنى صدر والذي حكم لمدة عام تقريبا ، ثم حكم مجلس رئاسى مؤقت يتألف من أية الله محمد حسين بهشتي ، وأية الله عبد الكريم موسوي ، وحجة الله على أكبر هاشمى رافسنجاني ، ومحمد علي رحان الذين حكموا عام 1980 .. مجيء الرئيس محمد حسين على خامنئي الذي استمر من 1981 – 1989 ، ثم جاء بعده حجة الله على أكبر هاشمى رافسنجاني 1989 إلى 1997 ثم جاء بعده محمد خاتمي أردكاني من 1997 إلى 2005 وأخيرا الرئيس الحالي أحمدي نجاد في 2005 حتى الآن .
ومع الأسف  لم يهتموا بإزالة الأرث السلبي مع دول الجوار وهناك سببا آخر ساهم في تدهور العلاقات هو نقد بعض الكتاب الإيرانيين في الصحف الإيرانية لسياسيات الدول العربية والذي كان في بعض الأحيان لاذعا .. الامر الذى أدي فى النهاية إلي تدهور العلاقة ووصولها إلى هذا المفترق الذي نحن  فيه الآن .
ويضيف شريعتي أن هناك نقطة هامة جدا لا ِأستطيع أن أغفلها وهي مساعدة الدول العربية لصدام حسين أبان حربه مع إيران وذلك بعد أن استطاع خداع العرب واصفا نفسه بأنه حامي البوابة الشرقية وصمام أمان المدخل الشرقي للدول العربية .
هيمنة دينية
•       هل لا يزال يراود إيران حلم اقامة الهلال الشيعي في العراق ولبنان وغيرهما من الدول العربية والهيمنة الدينية على شعوب تلك الدول خاصة الطائفة الشيعية منهم ؟
 أن طرح المسألة الطائفية أمر غير صحيح وإيران لا تفكر بهذه الطريقة ولا تريد أقامة هذا الهلال المزعوم، وأن هذه الأمور تطرحها وسائل الإعلام بشكل غير صحيح ، فنرى الإعلام يصور كل الشيعة العراقيين على أنهم منتمين إلى إيران مساويا بذلك بين الشيعة في العراق والشيعة في إيران وهذا غير صحيح حتى وأن اتفقا في المذهب فهؤلاء شيعة عراقيين عرب وهؤلاء شيعة  إيرانيين، وأننا كدولة لا نتدخل مطلقاً في سياسات الدول أو نختار رؤي وتوجهات أو نشكل أحلاما الشعوب ولا نشكل طموحا لأي من الكيانات السياسة أو المذهبية أو الطائفية في أي من الدول المجاورة .
وأذكر أنه في فترة الثمانينات والتسعينات كان الشيعة العراقيون يلقون الهوان من صدام مما حدا بهم إلى الرحيل إلى إيران وسوريا، وأثناء ذلك نشأت علاقات طيبة مع هؤلاء الشيعة ، وحينما سقط نظام صدام البائد عادوا إلى موطنهم ولا تزال لنا علاقات طيبة معهم، ورغم ذلك لا نتدخل نهائيا في سياستهم أو تحديد مسارهم لا من قريب أو من بعيد ، وأيضا ما أود أن أؤكده هنا أنه أيضا تربطنا علاقة طيبة مع حزب الله في جنوب لبنان ولكن ليس لنا أي سلطة أو هيمنه على تصرفاته وسياساته
كما ان مسألة المواطنة أمر ضروري وحيوى وهى تقاس وتحسب  على أساس الموطن  وليس على أساس الدين أو المذهب أوالعقيدة .
ويتساءل هل كنيسة الفاتيكان هى التى تحدد للمسيحيون العرب وجهتهم وترسم سياستهم بالطبع لا .


سياسة خاطئة
•       كل رؤساء إيران منذ قيام الثوة الإيرانية في عام 1979 بدءا من الامام الخميني ومرورا بخامنئي  وصولا إلى الرئيس الحالي أحمدي نجاد باستثناء محمد خاتمي لم يستطيعوا خلق جو من التفاهم مع الدول العربية ، فما هو تقييمك لسياسة إيران الخارجية في الفترة الحالية ؟
كان من الممكن أن تكون سياستنا الخارجية في عهد الرئيس أحمدي نجاد أفضل حالا مما هي عليه لكن مع الأسف نرى فيها بعض الأخطاء ذلك لأن حكومتنا الحالية لا تزال  في طور النضج خاصة بالنسبة للعلاقات الخارجية مع دول المنطقة، ذلك لان نجاد قليل الخبرة بالنسبة للسياسة الخارجية خاصة  مع الدول المجاورة وأعتقد أنه اكتسب بعد مرور ثلاث سنوات على توليه سدة الحكم في 2005 الكثير من الخبرات .. أما عن سياستنا الخارجية في عهد الرئيس السابق محمد خاتمي فكانت أهدأ وأقوى ..حيث كان حريصا على علاقته مع جيرانه ومع الغرب داعيا الى التواصل من خلال حوار الحضارات، وأيضا عقلانيته فى  تناول الملف النووي .. وأري أنه لو أتبع الرئيس نجاد نفس سياسة خاتمي صاحب السياسة الإصلاحية حتما كانت المشكلات السياسية والأخطار المحدقة بنا والتحالفات ضدنا ستكون أقل .
وليس ذلك  فحسب وإنما كنا شهدنا مزيدا من الاستقرار السياسى والاقتصادى ولكننا مع الأسف لم ننعم بهما بسبب الضغوط الخارجية الدولية علينا .


حرب إيرانية أمريكية
•       الجميع يلمس في لهجة الرئيس نجاد نبره الثقة الشديدة غير مكثرت برد فعل أمريكا حتى أنه هدد عند حضوره عرضا عسكريا في طهران بأن الجيش الإيراني اليوم واحدا من أقوى الجيوش في العالم وسيندم من يعتدى على إيران وسنقطع يده بالطبع يقصد أمريكا .. فهل نجاد لديه القوة لمواجهتها عسكريا ؟
لا أستطيع أن أجزم أن إيران تسطيع الدخول في مواجهة عسكرية مع أمريكا أما عن الثقة التي يتحدث بها الرئيس الإيراني  فليس الهدف منها استعداء أمريكا أو تحديها أو الاستقواء عليها لكنها الثقة التي يجب أن تتوفر لمن يحكم دولة في حجم إيران بحيث يبث الطمأنينة لدي شعبه في الداخل ولا يثير ذعر ومخاوف المواطنين ، و هناك فرق بين أن أكون على حق وشجاعا كحال إيران فنحن أصحاب حق، وأمريكا هي التي تريد دفعنا إلى مستنقع المشاكل  والخلافات .. وأنا أكون على باطل وشجاعا كحال امريكا ، وهذا هو الفرق .
ويضيف أننا على حق لأن صلب الموضوع هو التخصيب السلمي لليورانيوم والذي تدعي أمريكا أنه ليس للسلم بحيث يمكن استخدامه بعد ذلك في تصنيع الرؤس النووية .كما ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية دائما تأتى تقاريرها بادانة إيران ذلك لانها ترضخ فى النهاية لضغوط الدول الكبرى عند أعداد تلك التقارير .


البرنامج النووى
•       في أحد تصريحات الرئيس نجاد قال :" أن ايران أصحبت اليوم قوة نووية وأنها نجحت في تخصيب اليورانيوم إلى المستوى الذي يمكن استخدامه في محطات الطاقة.. معنى ذلك أن إيران حاليا تملك برنامجا نوويا . وهذا دائما ما تؤكده دائما أمريكا وتريد اثباته عن طريق المفتشين التابعين لهيئة الطاقة الذرية .. وتنفية إيران دائما .. ما تعليقك ؟
ما تقوم به إيران ليس تسلحا نوويا كما تزعم أمريكا أو يتراءي إلى البعض ، إنما هو تخصيب نووي يستخدم في الأغراض السلمية ومنها توليد الطاقة وليس في الأغراض العسكرية لصنع رؤرس نووية تستخدم في الحروب والمعارك .
وأنا أري أن برنامجنا النووي ذا طابع مدني وليس له علاقة بالتسليح العسكري من قريب أو من بعيد .
ويجب على الرئيس نجاد أن يسعى إلى طمأنه الرأي العام العربي في المنطقة وطمأنه الرأي العام العالمي أيضا .
لافتا انه في السابق كانت حكومة الرئيس خاتمي تحرص على طمأنه الرأي العام وكانت أيضا تهتم بالانفتاح على المؤسسات العالمية في الأمم المتحدة وأذكر أن خاتمي طرح مفهوم حوار الحضارات كفلسفة تحكم السياسة والعلاقات الخارجية لإيران والعالم كما كان دائم السعي نحو أقامة علاقات جديدة مع الغرب متجاوزا الصراعات والعداوات .
أما حكومتنا الآن فهي في طور النضج وأتمنى لها التوفيق وأيضا أيضاح موقفها من البرنامج النووي للعالم أجمع.
ايران والشيعة العراقيين
•       لشيعة العراق علاقات قوية مع إيران خاصة الشيعة اللذين نزحوا أبان البطش الصدامي الغاشم بهم ، فما هو موقف ايران منهم الان ؟
الموقف الإيراني من العراق واضح ولابد أن يحكم الشعب العراقي نفسه بنفسه ويقرر مصيره ، وعلى شعوب المنطقة أن تقرر مصيرها بنفسها بعيدا عن التدخلات الخارجية .. وأذكر أننا لم نتدخل في السياسة الخارجية أو الداخلية للعراق حتى وأن كانت تربطنا روابط بحكم المذهب مع الشيعة هناك ، وأذكر أن بعضهم نزح إلى إيران كما قلت سابقا وقت حكم صدام بسبب تعرضهم لايذاء على يديه وعقب انتهاء حكم عادوا إلى بلدهم ونحن نؤكد أن المواطنة هي الأساس وليس المذهب .

رأب الصدع
•       ما هي الآلية التي تراها لرأب صدع الخلافات العربية الإيرانية ؟
لابد أن تتطور وترتقي إلى أحسن من الحالة الموجودة الان وأعتقد أن هذا يمكن أن يحدث إذا التزمنا بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لبعضنا البعض وأيضا بالتفاهم وبحسن الجوار، والحوار البناء بين الحكومات والشعوب من الطرفين وأيضا لان هناك قوات أجنبية في المنطقة لذا يجب الاتحاد لان فيه قوة ،كما يجب إزالة الإرث السلبي الذي تراكم عبر السنوات الماضية حتى نستطيع أن نواجه أعدائنا المشتركين معا ونتخطي كل العقبات والمعوقات .. ويضيف أن لدينا قواسم مشتركة ثقافية وحضارية ودينية وهي قواسم يجب احترامها والعمل على دعمها وتقويتها وتنميتها حتى تنعم الأجيال القادمة بالسلام والمحبة .
                                                                   

0 التعليقات:

إرسال تعليق